كتب: محمد مصطفى
173
نشر بتاريخ: الأحد ٢٣ / فبراير / ٢٠٢٥
تُعتبر مهنة التمريض من أكثر المهن إنسانيةً وتأثيرًا في حياة المرضى، حيث يُشكل التمريض جسرًا بين الأطباء والمرضى، ما يتطلب مستوىً عالٍ من المهارات التقنية، والقدرة على اتخاذ القرارات الأخلاقية الصائبة. أخلاقيات التمريض ليست مجرد قوانين مكتوبة، بل هي منظومة من القيم والمبادئ التي تُرشد الممرض في أداء عمله اليومي، وتسهم في تعزيز الثقة بين المرضى والممارسين الصحيين.
أخلاقيات التمريض تعني الالتزام بسلوكيات وقيم مهنية تُوجه الممرضين نحو تقديم الرعاية بأفضل طريقة ممكنة، مع احترام حقوق المرضى وضمان كرامتهم. وتتضمن هذه الأخلاقيات الالتزام بالمبادئ الأساسية مثل العدل، الرحمة، الصدق، النزاهة، والاحترام، مما يُعزز جودة الرعاية الصحية ويُحافظ على المهنية في العمل.
يجب على الممرض احترام كرامة المرضى بغض النظر عن خلفياتهم الاجتماعية أو الثقافية أو الاقتصادية. يشمل ذلك احترام خصوصيتهم وسرية معلوماتهم الطبية، وضمان أن يكونوا على دراية تامة بحالتهم الصحية وحقوقهم.
الممرض مسؤول عن حماية معلومات المريض وعدم مشاركتها مع أي جهة غير مصرح لها، إلا في حالات تتطلبها المصلحة الصحية العامة أو بأمر قانوني. الحفاظ على السرية يعزز ثقة المرضى في مقدمي الرعاية الصحية.
يجب أن يكون التمريض خاليًا من أي تمييز بناءً على العرق، الجنس، الدين، أو الوضع الاجتماعي. جميع المرضى يستحقون نفس مستوى الرعاية الصحية والاهتمام بغض النظر عن خلفياتهم أو قدراتهم المالية.
يجب أن يتعامل الممرض مع جميع المرضى بعدالة وإنصاف، وتجنب المحاباة أو تقديم مزايا خاصة لأفراد دون غيرهم. كما يجب أن يُسهم في توزيع الموارد الصحية بشكل عادل بين المرضى.
التمريض لا يقتصر على تقديم العلاجات الطبية فحسب، بل يشمل أيضًا دعم المرضى نفسيًا وعاطفيًا. يجب أن يكون الممرض مصدر طمأنينة وسندًا للمرضى في أصعب لحظاتهم.
يجب أن يكون الممرض صادقًا في تواصله مع المرضى وأفراد الفريق الطبي، وألا يُخفي أي معلومات قد تؤثر على صحة المريض. كما يجب أن يتصرف بنزاهة عند توثيق المعلومات الطبية أو اتخاذ القرارات السريرية.
لكل مريض الحق في اتخاذ القرارات المتعلقة بصحته بعد الحصول على المعلومات الكاملة حول حالته والعلاجات المتاحة. على الممرض احترام هذه القرارات حتى لو كانت تتعارض مع رأيه الشخصي، طالما أنها لا تتعارض مع القوانين الطبية.
يعمل الممرض ضمن فريق رعاية صحية متكامل، مما يتطلب منه التعاون مع الأطباء، الفنيين، والصيادلة لضمان تقديم أفضل رعاية ممكنة للمريض. التواصل الفعّال والاحترام المتبادل بين أعضاء الفريق أمر أساسي في نجاح العملية العلاجية.
يجب أن يحرص الممرض على تقديم الرعاية الصحية وفق أحدث الممارسات الطبية المبنية على الأدلة، مع تجنب الأخطاء الطبية، وضمان سلامة المرضى في جميع الأوقات.
أخلاقيات التمريض تتطلب من الممرض مواكبة التطورات العلمية والطبية باستمرار، مما يعزز من قدرته على تقديم رعاية صحية عالية الجودة وفقًا لأحدث المعايير الطبية.
رغم وضوح المبادئ الأخلاقية، يواجه الممرضون العديد من التحديات التي قد تضعهم في مواقف صعبة، مثل:
أخلاقيات التمريض ليست مجرد إرشادات نظرية، بل هي جوهر الممارسة اليومية للممرضين، حيث تُساعدهم على اتخاذ القرارات الصحيحة وتقديم الرعاية بأعلى مستويات الجودة. الالتزام بهذه الأخلاقيات يعزز ثقة المرضى بالنظام الصحي، ويضمن بيئة علاجية آمنة وإنسانية. في النهاية، يُعد التمريض أكثر من مجرد مهنة، إنه رسالة إنسانية تعتمد على العطاء، الاحترام، والنزاهة.